منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - الحرية والديمقراطية
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-2006, 06:40 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د. تيسير الناشف
أقلامي
 
إحصائية العضو







د. تيسير الناشف غير متصل


افتراضي الحرية والديمقراطية

الحرية والديمقراطية

د. تيسير الناشف

القمع الإجتماعي والسياسي والاقتصادي والنفسي يقيد الإبداع الإنساني، لأن الإبداع انطلاق فكري وشعوري والقمع سجن للفكر والشعور، وبالتالي فإن القمع والإبداع متناقضان.
والمجتمع الذي يسوده القمع تنعدم فيه الديمقراطية لأن معنى الديمقراطية إتاحة إمكانية تحقيق البدائل الفكرية في شتى مجالات النشاط الإنساني والقمع معناه ومؤداه خنق إمكانية هذا التحقيق وبالتالي فإن الديمقراطية والقمع متناقضان.
والإبداع وثيق الصلة بالديمقراطية لأن لدى الإنسان في ظل الديمقراطية قدرا أكبر من الحرية الفكرية ومن إتاحة فرصة التعبير عن الرأي والنفس ومن الشعور بالأمان ومن الجرأة على توجيه الانتقاد وعلى إبداء الآراء الداعية الى التغيير والتصحيح وإبداء الأفكار الجديدة غير الخائفة وغير المقيَّدة، وهذه كلها عوامل لا بد من توفرها حتى يستطيع الإنسان أن يكون مبدعا من النواحي الفكرية والأدبية والفنية.
ولا تتوفر الديمقراطية بدون توفر إمكانية التعددية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لأن توفر هذه الإمكانية معناه توفر إمكانية تحقيق البدائل الفكرية في مختلف مجالات الحياة.
وحتى يكون أي مجتمع حرا يجب أن ينشأ أفراده على الاستعداد لأن يستمع بعضهم إلى بعض ولأن يناقش ويحاور بعضهم بعضا إذ لا حرية في مجتمع لا يطيق أفراده الاستماع إلى آراء الآخرين ومناقشتهم ومحاورتهم. وإتاحة النقاش وتبادل الآراء من مستلزمات الحرية الفكرية. وحرية التعبير عن الرأي لا يمكن أن تتحقق بدون إزالة الخوف من عواقب إبداء الرأي المغاير والمناقض. ويتعزز الفكر عن طريق الحرية الفكرية لأن ممارسة هذه الحرية عن طريق النقاش والحوار الموضوعيين تثري الفكر وتنشطه.
وللديمقراطية دور هام جدا في ضمان السلام والأمن، وذلك لكونها آلية تنشأ بها حالة يكون فيها للأغلبية من المواطنين البتّ في المسائل التي تهم مجموع المواطنين. ومن الواضح أن بتّ الأغلبية من المواطنين في المسائل التي تهمهم وتهم حياتهم من شأنه أن يكون أساسا اقوى للقبول العام وبالتالي للسلام والأمن الداخليين.
وتقوم صلات بين الحريات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفنية. الحريات هذه تعزز بعضها بعضا وتتأثر بعضها ببعض. التعزيز والتأثر متبادلان بين هذه الحريات. الحرية السياسية لن تتحقق بدون تحقيق الحرية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والفنية. في الإطار الاجتماعي السياسي الديمقراطي من المفترض أن تكون القيم السياسية مستمدة من قيم المجتمع الثقافية والاقتصادية والفنية والتاريخية او قائمة عليها. ومن المفترض أن يحصل تفاعل وثيق بين مجموعتي القيم، المجموعة الأولى والمجموعة الثانية. ومن المفترض أيضا أن تكون القيم الثقافية والاقتصادية والفنية والتاريخية والدينية خلفية للقيم السياسية.
وإذا أصبحت مجموعتا القيم منفصلتين بعضهما عن بعض، وإذا أكد المسؤولون السياسيون أو ذوو الأمر السياسيون قيمهم السياسية دون مراعاة للقيم الاجتماعية الثقافية وإذا قمع ذوو الأمر هؤلاء هذه القيم الاجتماعية أو تلك أصبحت قيمهم السياسية مفروضة فرضا على المجتمع. وبذلك تنعدم الديمقراطية. وإذا كانت الحرية في المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والفنية مقهورة أو مقموعة أو مكبوتة أو مهملة أصبحت الممارسات السياسية منقطعة عن القيم السائدة في هذه المجالات وغير متصلة بها وغريبة عنها وأصبحت تلك الممارسات مفروضة فرضا على الواقع الاجتماعي، مما يتنافى مع الديمقراطية التي معناها كما أسلفنا إتاحة إمكانية تحقيق البدائل المختلفة. والفرض يتنافى طبعا مع الحرية، لأن الفرض تقييد والحرية انطلاق، والحرية لا يمكن أن تتعايش مع الفرض اأ الإملاء أو التقييد.






 
رد مع اقتباس