قِـفْ حَيِّ دارًا إلـَيْها هَـزَّكَ الطـَّـرَبُ=شـَـوْقـاً و دَمْعـُكَ في التـَّاريخ ِ يـَنْسَــكِبُ
دارٌ تـَظـَلُّ بـِصَدْر ِالـْكـَـرْم ِعـامِـــرَة ً=تـَفـيـضُ بـِالـنـُّور ِمَهْـما أظْـلـَمَتْ حِقـَبُ
وَ كـَمْ دَهَـتـْها قـُـرونٌ في نـَوائِـبـِها =فـَما اسْــتـَـقـَرَّتْ لـَدى أسْـوار ِها النـُّوَبُ
قـَدْ عَـمَّرَتـْها يَـدُ الـرَّحْمَـنِ غامِــرَة ً =فـَظـَـلَّ فـيـها سَـــنا الإيـمان ِ يَـلــْتـَهِـبُ
تـَسْـمـو بـِمَـنْهـَج ِ حَـقٍّ لا حُـدودَ لـَهُ =فـَمـا يـُطاو ِلـُهـا صَـرْحٌ وَ لاسُـــحُـبُ
كـَرْمٌ يَجـودُ بـِما تـَعْـيا الكِـرامُ بـِـهِ =هـَيْهاتَ يُـدْر ِكُـهُ في كـَنْهـِـهِ الـعِـنَـبُ
هـَذي القـُلوبُ قـُلوبُ المُؤْمِنـينَ وَ ما =يُـقاسُ عِـنْـدَ ثـَراهـا خـافِـقٌ خـَر ِبُ
قـدْ كنتَ تعْشقُ ذِكراها إذا خَطرَتْ =و الـيـومَ أنـتَ لـدى جَـلْواتِها تـَثِبُ
مثلي يُلامُ- وأهْلُ الحبِّ قد عُذِروا- =لـو أنَّ قـلـبي إليهـا شــدَّهُ النـَّسـَـبُ
يا قلبُ ويْحَكَ هذي دارُ مَنْ خَضَعَتْ=لها القلوبُ فليْـسَـتْ بَـعْـدُ تـَنـْقـَلِبُ
وأنـتَ أوْلى بها إذْ كـُنـْتَ مِنـْبَـرَهـا =من يوم ِقالوا بلى واسْـترْخَتْ الحُجـُبُ
فادْخـُلْ مـرابعها و ارتع بروضتها =و كـن محبا لها تظفر بـما رغـبوا
و الـزم فـإن وراء الصـبر عاقـبـة =ليست لمن ركضوا عجلى ومن ركبوا
اللاهـثـيـن وراء الفلــس يخدعـهـم =بــه الـبـريـق فـظـنـوا أنـه الـذهـب
يـجـنونـه مـن دروب لا يـسـاغ بها=ماء لمن ظمئـوا لو أنهم شــــربوا
فخـل عنـك أناســا لســت تحسبـهم=من الأناس إذا ما أزهر الحســـب
و اجعـل أنيســك من تحيـا لطاعته=فالقرب يحظى به من بات يقترب
فإن شــجـتك هـموم أو دعتـك إلى=ميـل لـدنـيا عـرى طــلابها الكلـَب
ترنـو إليهم و قد طاروا بغـير هدى=فـكـل نـجـم لـهم في فـلـكـه قـطـب
لا يخدعـُنك إن ريـح جـرت بهـمـو=يـومـا فـإن تـجـاه الـريـح يـنـقـلـب
إن رمت في أصلهم لم تلق مأثرة =تنمى إليهم ولا هم في الورى نجب
عـزوا بـحظ فـهانـت عندهم قـيـم=لم يرضعوها ولا أسـقوا ولا حـلبـوا
و لا تلـقـوا من الماضـين مكرمة=و لا سـقـتهم بـما فاضت به الـكـتب
لم تـدر أمـتهـم عـنهـم إذا عـبروا=لا جردوا سـيفهم عنها ولا ضربـوا
و لا أراقـوا دما في درب عزتها=و لا مـدادا و لا في مجدها خـطـبوا
و لا غراسا سقوا يوما و لا بذروا=و لا أعــدوا لها خـيلا و لا ركـبـوا
هـم كالعـدو إذا حانت لهم فرص=تحت الظلام سروا غدرا ليـنـتـهـبوا
صـم إذا أسـمعوا، بـكم إذا نطـقوا=لا يـرعـوون إذا ما مسـهـم وصـب
بالمال صاروا فإن راحت دراهمهم=هـانـوا فـلا عـلـم يعـليـهم و لا أدب
ظـنوا الـزمان لـهم أهـدى مقالـده=وأن في يـدهـم مـنـه الـذي وهــبوا
فكـل إمـّعة يحـظى إذا قســــــموا=و يحرمون- كما ظنوا- إذا غضبوا
فباعـدوا كل من تسـمو به شــــيم=و شـوهـوا كل حسـن عنـدما غلبوا
فالمخلصون لديهم كل من غدروا=و الصادقون لديهم من لهم كـذبــوا
و الخائـنـون لـديهم من يخالـفـهم=و ذووالأمانـة من خانوا ومن نهبوا
ظنوا الحياة لهم تصفو بما اكتسبوا=لم يـعـلـمـوا أنهم بالنار قــــد لعـبـوا
لا يقسـم الرزق إلا الله لـو عـلموا=و الزاعمون رعاع عنه قد حجبوا
فرعـون ضل بسـلطان لـه فـطغى=فـذللـته بـمـوج قـد طـمى الـكــرب
و اعـتـز بالمال قارون فما نـفعـت=كنـوزه يـوم أن غاصت به الترب
و عـز نـمـرود جـبارا فـقـال: أنـــا=رب الحياة فــذا أحــرم و ذا أهب
فـمات تـحـت نعال الـقوم مـنـخـذلا=عـند البعوضة هان العز و الغلب
قد ســخر الله أدنى جـنـده فـمـضى=وهم الطغاة وهانوا وانجلى الكذب
فالـزم هـداك و دع من قال هرطقة=الله يـلـزمـه فـيـمـا قـضى ســبـب
هــذا يـقـيـن أناس ســاء ظـنـهــمـو=فـهـم عبـيد هـوى أغواهم الرهب
لا يـعـرفـون لـهـم نهجا و لا وثـقوا=يوما بدرب فإن ساروا فهم ريب
إن حـل في ديـنـهـم بأس فـذا قـــدر=لكن إذا حل في دينارهم صخبوا
الـمـدبـرون إذا مـا الـنـقع ثــار بـهـا=الـمـقـبـلـون إذا ما قسـم السـلب
لم يسـمعـوا نوح بغـداد و قد نـدبت=كي يسمعوا القدس حين القدس تنتحب
ولا تـمعّـر وجــه عـنـدما شـهــدوا=(أبا غريب) وعرض الأخـت يغـتـصب
الغرب زلزلهم ما قد جرى فغـَلـَوا=فالصخر ينطق إذ لا تنطق الخُشُب
المتقنين فنون الجبن قد برعوا=في الصمت حتى تعدى طوره العجب
كم يسكتون على عرض ٍيداس و كم=باتوا على الضيم شبعى مابهم نصب
لو أنهم صمدوا لو ساعة منحوا=عذرا إذا انهزموا في الحرب أو هربـوا
لو أنهم وقـفـوا أو أنهم سـكـتـوا=لو في جحورهِمُ عن سـاحها غربوا
جاء الغزاة على خيل لهم سبقت=خيـل عـراب تـرى أم أنهــــا عــــــرب
هـم الغـثاء فلا يـرجى بهم فــرج =عـنـــد البـلاء و لا يهـدى لـهـم عـتـــب
فاصبر فإن الدجى مهما استطال بنا=فإن شــــمـســًا وراء الأفـق تـرتـقـب
و اهجر كما هجر الماضون ما نكروا=في المدلهمة تبدي ضوءها الشهب
لولا الـثـبات على ضعـف لما بقـيـت=سلامة النهج فيـما قـــــد طوت حقب
فاثـبـت فـأنـت بـعـيـن الله تـصنعـها=فلـك النجـاة و طـــوبى للألى ركـبـوا