منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - قصة قصيدة
الموضوع: قصة قصيدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 16-11-2006, 04:59 AM   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محمد جاد الزغبي
أقلامي
 
الصورة الرمزية محمد جاد الزغبي
 

 

 
إحصائية العضو






محمد جاد الزغبي غير متصل


افتراضي مشاركة: قصة قصيدة

مع قديس الكلمات أحمد مطر

ولا زلنا مع قصص القصائد لكبار المبدعين العرب ..
هؤلاء الشعراء الذين حركوا الحمم من تحت ركام الصخور فانفجرت ..
وأيقظوا العزائم فانبثقت ..
هم الرافضون الأولون لكل ما ينتهك حرياتهم وحرية أوطانهم ومواطنيهم
هم الذين حرروهم رغما عن أنوفهم .. وأجبروهم أن يضعوا أنفسهم أمام مرآه اللفظ والمعنى بعد طول سبات بالرمال .. على عهد النعام ..

وشاعر القصيدة اليوم وبطل قصتها .. هو هذا الرجل الذى كتب بسن الخنجر ونثر الجوهر فلا أبدع ولا أقدر ..
هو صاحب اللافتات .. اللافتات التى صارت فى التاريخ الأدبي الحديث علامة فكر وكبرياء غير مكررة الا فى قليل
أحب لغته وعشقها فوهبته من كنوزها أشهاها ومن حللها أعلاها وأغلاها
وأحمد مطر واحد من القلائل الذين استيقظت عيونهم على قضايا بلادهم فرهن لها براعته ويراعه فلم يكتب حرفا خارج هذا الاطار !!
وذلك تفرد لم يشاركه فيه الا القليل من مبدعى العرب أمثال مظفر النواب ومحمود درويش وكمال عبد الحليم أشهر وأغنى الشعراء ثراء فى العصر الحديث لولا التعمية المقصودة على انتاجهم الحر
أى أن أحمد مطر لم يكتب الا لهموم بلاده وقضاياها وطبقا للتعريف الصحيح للسياسة كما أسلفنا فلم يكتب أحمد مطر الا للسياسة وللحرية وللفضيلة ..
أى أنه اختار أسمى رسالة للأديب فلزم حجرها لم يبرحه
يقول أحمد مطر فى واحدة من روائعه ردا على أولئك الذين اتهموه بسلاطة اللسان لأنه يعبر عن قناعاته ومبادئه
قال لهم

وليشتم المتلوثون شتائمى ×× وليستروا عوراتهم بردائي
وليطلق المستكبرون كلابهم ×× وليقطعوا عنقي بلا إبطاء
لو لم تعد فى العمر الا ساعة ×× لقضيتها بشتيمة الخلفاء


بالطبع ودون أدنى شك اذا نظرنا لمدى البراعه الأدبية والاكتمال البنائي للقصيدة برؤية نقدية ـ وهو ليس موضوعنا الأصيل ـ لوجدنا أننا أمام تحفة فى التصوير وقمة فى التعبير
وقصيدته أو بيانه السياسي العتيد بتلك الأبيات خاصة تلك المقدمة يرد فيه ردا مفحما وبالغ الألم أيضا على كل الاتهامات التى نالها من معاصريه
وقد وضع أحمد مطر بقصيدته تلك حاجزا واضحا بين ابداء الرأى وبين الاتهام المغرض بالسب والاعتداء اللفظى ..
وهى واحدة من أكثر طبائع العرب غرابة
فلو هتف المظلوم بوصف الظالم لمن اعتدى على حقه فهو الملوم لأنه سب الرئيس أو الملك !!
ولو هتف معارض باتهام يراه وله دلائل ويطلب الى السلطة معالجته ..
فهو السليط وهو المعتدى !!
ولست أدرى من أين أتى الحكام بتلك الفتاوى التى ما أنزل الله بها من سلطان ..
والكارثة أن السلطات لا تكتفي باعتقال ومحاكمة ذوى الرأى على رأيهم بل تتعمد أن تكون الاعتداءات متسترة خلف القضاء .. هذا الحصن الذى اذا طاله خراب الذمم فى أى شعب فل تقوم له قائمة فى حياته ومستقبله
والأمثلة أكثر من أن تحصي للأسف
عبادة الذات وتضخيمها لدى أولى الأمر ومطالبتهم لشعوبهم بمعاملتهم كما يتعامل الأنبياء والمرسلون كانت خلف تلك الكوارث التى قيدت الألسنة وكتمت الأنفاس .. لا سيما وأن الجماعات المحيطة بالسلطة تزين لهم أفعالهم حتى أصبح الحكام صورة مكررة من الحاكم بأمر الله الذى حكم مصر وأذاقها وأهلها أبشع وسائل الاكراه وادعى الألوهية لنفسه بعد ذلك والكارثة أنه صدق الكذبة التى اخترعها وروج لها مغرضوه حتى كانت نهايته الطبيعية بخنجر أحد العامة فى سوق مصر المحروسة ..
ولم يقل أحد من العالمين أن النقد والجهر بالمخالفة أمر يخالف الشريعه ويطبع صاحبه بطابع المعتدى باللفظ والقول وحتى لو فرض هذا ..
فشتان بين العقاب على السب وبين ما يلاقيه أهل الرأى فى أكثر أوطاننا ديمقراطية أو ادعاء للديمقراطية ..
قديما وأثناء ولاية الوليد بن عبد الملك للخلافة الاسلامية وكان الوليد عنيف الطبع متهورا بالرغم من انجازاته كرجل دولة ... ولم يكن يطيق المعارضة .. حتى أنه أحب أن يستغل مكانة ابن عمه الخليفة النقي عمر بن عبد العزيز لدى العامة ليستخلص منه فتوى تبرر له أمام الناس بطشه بمن يجهر برأيه
فقال لعمر بن عبد العزيز ذات مرة بمجلسه ..
" ماذا تقول يا عمر فيمن يسب الخلفاء .."
ثم أضاف بلهجة ذات مغزى .. متسائلا بايحاء واضح
" أيقتل ؟.. "
وكان بذهن الوليد أن عمر سيفهم رغبته ويفتيه بها .. بيد أن خامس الراشدين لم يكن من هذا النوع منعدم البصيرة فقال .
" يا أمير المؤمنين وهل قتل نفسا فنأخذه بها أو زنى بعد احصان أو كفر بعد ايمان ؟"
فقال الوليد ..
" لا ولكنه سب الخلفاء فقط .."
فقال عمر " اذا لا حكم لك عليه بالقتل بل بالتعزير ما لم تكن له مظلمة "
بهذه المقولة لخص بن عبد العزيز رضي الله عنه مسئولية الحاكم والمحكوم .. وهى التى تبدو للعامة لا الخاصة مفهومه بمنطقها بالغ البساطة ..
لكنه الغرض الذى يدفع بالناس الى اختراع الشرائع والقوانين وبمعونه من أسماهم المؤرخون
" فقهاء السلطان "
والذين حكموا على أحمد مطر وغيره من دعاة الحرية للفرد والوطن هم أولئك البقية ممن قال الله فيهم
بسم الله الرحمن الرحيم ..
" أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم .. وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون "
صدق الله العظيم


ويكمل أحمد مطر أبياته فيقول

أنا لست أهجو الحاكمين وانما ×× أهجو بذكر الحاكمين هجائي
أمن التأدب أن أقول لقاتلى ×× عذرا اذا جرحت يديك .. دمائي !!
أأقول للكلب العقور تأدبا ×× دغدغ بنابك يا أخى أشلائي
أأقول للقــوًاد يا صــدٍيق .. أو ×× أدعو البغى بمريم العذراء


وهنا بتلك الأبيات .. تصرخ كلمات أحمد مطر بدهشة رهيبة .. أهل مطلوب من الجماهير أن تتلقي السياط على ظهورها المكدودة وفوق هذا محروم عليها أن تصرخ ..
فقط تصرخ تعبيرا عن الألم !!
ما قيمتها الحياة اذا .. ؟!!
اذا والله باطن الأرض خير من ظهرها اذا ان ارتضي فرد واحد مثل هذا الهوان

ومن أغرب الدلائل والأمثلة على هذا المنطق الغريب ..
خروج النظام المصري مؤخرا عقب الحراك السياسي التى تشهده مصر هذه الأيام ..
خرج النظام على الناس وكالعادة بحملة اعتقال ومحكامات أمام محاكم استثنائية كالمحاكم العسكرية أو محاكم أمن الدولة العليا ليزج بعشرات من معارضيه الى غياهب السجون بأحكام لا تقبل النقض طبقا لقانون تلك المحاكم التى تمثل خروجا على شرعية القضاء الطبيعى ..
وما كان لجوء النظام المصري لهذه المحاكم الا بعد يأسه من تركيع القضاء الطبيعى المعروف بانحيازه الذى لا يقبل الجدل لكل قواعد العدالة والمشروعية ..
وبغض النظر عن اختلافنا حول الشخصيات التى حوكمت أو اتفاقنا معها فى الرأى .. الا أن القضية أكبر من فلان وفلان .. فليس مهما أن يزج بنائب برلمانى للسجن العسكرى ردا على أسئلته المشروعه فى احدى القضايا العامة ..
بل الأهم هو حماقة المحاكمة وعجز النظام عن مجرد تجميلها بأصباغ مشوهه للعدالة المصطنعه
فدعنا من القهر والاستعباد .. دعنا من هذا كله ..

ان كان النظام المصري اتهم معارضيه من ناشطى حركة كفاية وجماعه الاخوان المسلمين والعديد من الشخصيات الحزبية والاعلامية والمستقلة .. ان كان اتهامهم انحصر على حد قول الرئيس المصري فى حديثه الى جريدة الرأى الكويتية مطلع العام الحالى أنهم مجموعه مأجورة لتكدير الاستقرار وأنه ـ أى الرئيس ـ يعرف مصادر تمويلهم
المشبوهه ـ !!
فبالله عليكم .. أليس هذا القول يندرج تحت نفس البند الذى استند اليه النظام فى محاكمة خصومه وهو السب بلا دليل !!
وبغض النظر عن هذا ..
تعالوا نتأمل منطقية الكلمات .. ما دام الرئيس المصري نفسه يعرف بشكل مؤكد كما ينص تصريحه أن تلك الجماعات مأجورة لتكدير الأمن والسلم وأنه يعرف فوق هذا مصادر تمويلهم ..
فلماذا لا يعلنها ويحاكمهم محاكمة شرعية فاضحا تلك المصادر ؟!!
وما يؤكد عدم منطقية الاتهام البالغ الغرابة .. هو أن النظام المصري ليس هو النظام الذى يترك فرصة ذهبية كهذى وهو الذى يلجأ لاختراع التهم من الهواء .. فكيف يسكت عن أموال مدفوعه من الخارج لمعارضة النظام وتكدير أمنه ؟!!

وثانى الاتهامات الشهيرة
هو التلميح الدائم بتقاضي أموال أمريكية لغرض الاطاحه بالنظام ..
أى أنه اتهام بالعمالة للولايات المتحدة الأمريكية سياسيا ..
ولست أجد ما يدعونى لانكار هذا الاتهام .. بل سأقره باعتباره صحيحا ..
ودعونا نفترض أن المعارضين يتقاضون أموالا من جهات أمريكية لتبنى قضايا سياسية تخدم صالح الولايات المتحدة وهو ما يسميه النظام عمالة ..
ولكن هناك سؤال منطقي بسيط جدا ..
وهو كيف يأتى النظام نفس ما ينكره على المعارضين .. ؟!!

فالولايات المتحدة تعطى كلا من مصر واسرائيل مليارى دولار سنويا كمعونة منذ توقيع معاهدة السلام وحتى الآن مليار دولار منها على هيئة منتجات مختلفة والأخرى نقدا ..
وفى المجال السياسي الدولى لا يوجد ما يسمى معونة بلا مقابل فهذا أمر معروف أن الغرض منه تبنى سياسات معينة تراها الدولة المانحه خادمة لمصالحها
ولا يمكن بأى حال انكار مناصرة مصر سرا وعلانية للاتجاهات الأمريكية منذ أن تم اعلان الرئيس السادات بأن أوراق اللعبة السياسية تقع 99 % فى يد الولايات المتحدة الأمريكية ..
فمصر وكأمثلة لا حصرا على تلك المناصرة الاستراتيجية
هى التى استضافت شاه ايران السابق محمد رضا بهلوى عندما لفظته الولايات المتحدة الأمريكية عقب انتهاء دوره وسقوطه أمام ثورة آية الله الخومينى عام 1979م ..
وكانت مصر أيضا هى نقطة الوثوب للمقاتلات الأمريكية التى قامت بمحاولة تحرير الرهائن الأمريكيين فى سفارة الولايات المتحدة بالعاصمة الأيرانية طهران التى احتلتها قوات الطلبة الموالية للثورة الايرانية فى نفس عام قيامها وهى العملية التى فشلت فى فضيحه مدوية للسياسة الأمريكية وادارة الرئيس جيمى كارتر فى ذلك الوقت
وفى ظل النظام الحالى كشفت الوثائق الأمريكية أن مصر ساعدت الولايات المتحدة بالمعلومات الأمنية عن تنظيم القاعدة المخترق من أجهزة الأمن المصرية وكذلك قام الأمن المصري باستجواب عدد من الأسري لحساب الولايات المتحدة عندما عجزت أساليب وكالة المخابرات الأمريكية " سي أى أيه " عن استنطاقهم والحصول على ما لديهم من معلومات فبعثوا بهم لجهاز مباحث أمن الدولة المصرى ولم تمض فترة حتى نطق الأسري بكل ما في جعبتهم صاغرين !!
وأخيرا ..
ظهر فى الأسواق كتاب جديد بعنوان " احساس بالواجب" لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية السابق
" ريتشارد مايرز " والذى قاد عمليات الولايات المتحدة العسكرية فى العراق مؤخرا ..
كشف فيه مايرز عن لقائه بالرئيس المصري فى القصر الجمهورى بضاحية مصر الجديدة .. وأخبره الرئيس المصري بضرورة أن تأخذ الولايات المتحدة حذرها من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية التى يمتلكها صدام حسين ..
وبغض النظر عن مصداقية معلومات الرئيس المصري والتى ثبت فشلها بانكشاف النظام العراقي وسقوطه ..
فالسؤال هنا ..
ما الذى كان يهدف اليه النظام المصري من ثورة الاعتراض والاحتجاج الذى ملأ أركان العاصمة المصرية وسائر المحافظات وتنظيم المظاهرات لمعارضة الهجوم الأمريكى على العراق وكانت أكبر تلك التظاهرات .. مظاهرة استاد القاهرة الدولى التى شهدت حشد جميع المسئولين الكبار فى الدولة جنبا الى جنب مع جماهير الشعب تنديدا وهتافا ضد الحرب الأمريكية المرتقبة
ما الذى يمكن أن نسمى به تلك الوقائع المخجلة ..
ألم أقل لكم
ما أصدق قوله تعالى
أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم .. وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون
صدق الله العظيم


رحمك الله يا أحمد مطر أيها الشاعر الذى قل أن يجود الزمان بمثله

وما أنبغ قولك ..
يشتمنى ..
ويدعى أن سكوتى ..
معلنٌ عن ضعفه
ويلطمنى
ويدعى أن خدى .. قام بلطم كفه
يقول حبرى ودمى
" لا تندهش "
من يملك " القانون " فى بلادنا
يملك الحق فى عزفه






التوقيع

الإيميل الجديد
 
رد مع اقتباس