منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - جرعة حنين
الموضوع: جرعة حنين
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2017, 12:03 AM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سعيد ماروك
أقلامي
 
إحصائية العضو







سعيد ماروك غير متصل


افتراضي جرعة حنين

في زاوية من الحوش تقبع سيدة، في حجرها رضيعة تثغو، فم الرضيعة ينز دما أحمر قانيا.
السيدة التي تقبع في زاوية الحوش تمسح الدم من على فم الرضيعة...الدم لا يتوقف مثلما صراخ الرضيعة. السيدة تحدق إلى السقف المصنوع من صفائح الزنك.
السيدة تتضرع، تدعو، والدم لا يتوقف من فم الرضيعة التي تثغو.
في الزاوية المقابلة لها من الحوش، طفلان يلعبان. طفلاها...الأكبر يحزم سلكا بآخر والثاني باركا على ركبتيه يشاهد.
الطفلان لا يأبهان بالسيدة التي بحجرها رضيعة يفور الدم من فمها.
فجأة يتوقف الثغاء...وفي نفس الفجأة تلك تصيح السيدة القابعة في زاوية من الحوش.
همدت الرضيعة ولم يعد هناك فائض من الدم ليسيل من الفم الصغير.
ماتت الرضيعة.
يُحكى أن الرضيعة أفاقت في صبيحة يوم ربيعي ..شيء ما آلمها فصاحت، حملتها السيدة وهدهدتها.
لم تفهم الرضيعة الهدهدة مادام الألم باقيا، فتمادت في صياحها...حاولت السيدة إسكاتها بكل ما ورثته من حيلِ.
لم تسكت.
أخذتها عند وحّاية المدينة...أدخلت الوحّاية مقصا في فم الرضيعة..قصّت لسان المزمار .
يقولون أن الحادثة وقعت في ربيع 1968 في المدينة التي لم يكن فيها طبيب إلا ذاك الفرنسي الذي لا تزوره السيدات اللائي غاب أزواجهن...يقولون أن الطيب كان شاذا.
السيدة ذات الأربع وعشرين خريفا والتي كانت تقبع في زاوية الحوش هي أمي، والطفل الذي كان باركا على ركبتيه يشاهد السلكين يُربطان هو أنا.






 
رد مع اقتباس