منتديات مجلة أقلام - عرض مشاركة واحدة - تحليل نفسي للحالة الشعرية عند الشاعر
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-06-2012, 02:51 PM   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ثناء حاج صالح
أقلامي
 
الصورة الرمزية ثناء حاج صالح
 

 

 
إحصائية العضو







ثناء حاج صالح غير متصل


افتراضي تحليل نفسي للحالة الشعرية عند الشاعر

تفرض كتابة الشعر على الشاعر ثلاث متلازمات نفسية لا يمكن الفرار منها بسبب أغراض الشعر النفسية الثلاثة التي يسعى إليها الشاعر بالكتابة ...فأما أغراض الشاعر فهي تفريغ شحنات القلق الإبداعي المتراكمة في نفس الشاعر وإحداث الإثارة في المتلقي بنقل حالة الشاعر النفسية إليه والتلذذ في العملية الإبداعية .
وأما المتلازمات النفسية الثلاثة عنده والتي تسببها أغراض الكتابة فهي متلازمة التفريغ الارتياح ومتلازمة الإثارة – المبالغة ومتلازمة الإبداع – إشباع الحس الجمالي .
ولنبدأ أولا بالغرض الأول ( التفريغ ) الذي يؤدي إلى متلازمة التفريغ – الارتياح:
تختلف شخصية الفنان عموماً والشاعر خصوصاً عما عداه من البشر بكونها ذات عتبة تحمل شعوري أقل فهي تتحسس بدرجات أقل من الملاحظات الجمالية أو النفسية فتعاني بشعور أكثر ضخامة ومبالغة عند التعاطي مع مدركاتها الحسية والذهنية ...وهذا يمكن أن يسمى عموماً بالرهافة كما هو متعارف عليه .
وبالتالي فإن مقدار التأثر بالمعطيات الحسية النفسية عند الشاعر سيكون أشد انفعالاً مما هو عليه الحال عند الإنسان العادي ...ووفقاً لمبدأ نيوتن في فيزياء الميكانيك الذي ينص على أن كل قوة مؤثرة تثير في الجسم الذي تؤثر فيه رد فعل مقابل لها يساويها في الشدة ويعاكسها في الاتجاه..... ونظراً لأنني أعتقد أن هذا القانون ينطبق تماماً على الميكانيكا النفسية للإنسان ( السلوك ) فإن ردود أفعال الشاعر ستكون أشد تجاه ما يؤثر فيه من قوى المثيرات النفسية ...فتبدو استجاباته تجاه المثيرات للمتأمل والمراقب مفرطة ومبالغ فيها ..
فالفنان (الشاعر ) يمتلئ سريعاً ويعاني من ضغط الامتلاء بشدة أكبر من سواه ..مما يجعله أكثر توترا وأكثر إلحاحاً في طلب تفريغ الانفعالات العاطفية ..فيكون التفريغ عموماً بأي نوع من الممارسة المزدوجة ذات الطابع التعبيري الجسدي – الذهني أي لا بد من الفعل يمارسه الفنان ..فلا بد من الكتابة أو الرسم أو العزف الموسيقي أو الغناء أو الرقص .. إلخ فالارتياح يتأتي بعملية التفريغ هذه عند الفنان ..
لكن ما يميز الشاعر عموما عن غيره من الفنانين أنه مضطر لاستخدام اللغة التي هي في الأساس وسيلة تعبير أشد منطقية وبالتالي فإن المفردات اللغوية بكونها وعاءً عاماً للفكر والمنطق الإنساني فإن أول ما يتعرض له الشاعر من قبل المتلقي لفنه هو المحاكمة المنطقية للدلالات اللغوية ..وفي حين يكون الشاعر أحوج ما يكون للتفلت من قيود اللغة الاجتماعية ذات الطابع المنطقي فإنه يكون الأشد من بين الفنانين في تعرضه للمراقبة الدلالية سواء من حيث إخضاع نصه اللغوي لموازين المنطق أو الدين أو العرف أو حتى الشكل اللغوي ..
وإذا كنا متفهمين للحالة النفسية للشاعر خلال عملية التفريغ فيجب أن نفهم انه على الرغم من أن عملية التفريغ تخضع لخصائص الأدوات اللغوية من حيث القواعد الشكلية والدلالات إلا أنها في الأساس وسيلة تعبير نفسية انفراجية ثائرة متمردة . ...ولكم أن تتخيلوا الحالة النفسية للشاعر قبيل البدء بعملية الكتابة كما لو كان بالونا ً مغلقاً ممتلئاً بالهواء الذي يسبب الضغط في داخله في كل اتجاه فإذا ما فتح الشاعر ثغرة دقيقة ( ثقبا) عبر البدء في التعبير ( الكتابة ) فإن نوعاً من الانفجار سيحدث بطريقة تتدافع فيها مكنونات النفس نحو الخارج عبر ذلك الثقب التعبيري وبالتالي فإن تزاحم الأفكار هو السمة الأولى للنص الشعري قبل تنسيقه ليكون متماسكا ...فالتعابير الشعرية ستخرج بشكل منفلت بحيث يتوجب على الشاعر في تلك اللحظات الحرجة قصيرة الأمد أن يكون سريعاً في اصطياد أي شعور يتمثل في نفسه للحظات قبل أن يفر ذلك التعبير الشعري هارباً ... ولو تراخى الشاعر قليلا في تسجيل انفعالاته لتبعثرت هنا وهناك وتفلتت منه قبل أن يتم القبض عليها ولما وجد أمامه على الورقة شيئاً يمكن قبوله كعمل فني شعري .. لذا فإن توتر الشاعر في اللحظات الأولى للكتابة يكون كبيراً لخشيته من إضاعة صياغاته التعبيرية ونسيانها قبل تسجيلها فيما لو اضطر للتفاعل مع العالم الخارجي في تلك اللحظات .... فتجده يثور لأتفه الأسباب فيما لو تم قطع العملية التفريغية الانفجارية الإبداعية عنده ...ونحن لا نقطع مثلاً على شارب الماء العطشان شربته ..كما نحرص على أن ندع الجائع يكمل طعامه قبل أن نطلب منه التفاعل مع شيٍءٍ آخر .. وهكذا عموماً لا نتقبل قطع أي عملية ذات طبيعة غريزية تفريغية أو إشباعية يقوم به إنسان لأنه سيجعل ذلك الإنسان قلقاً شديد التوتر نتيجة الانقطاع عن التفريغ أو الإشباع الغريزيين . ..حتى إننا لا نستسيغه للحيوان أيضاً رأفة به . ..
فمتلازمة التفريغ -الارتياح هي سبب ونتيجة في العملية الإبداعية وفي الحالة الشعرية عند الشاعر
لذلك ..ومراعاة لمسألة التدفق الشعري المحتدم في لحظات التعبير الأولى ينبغي عند ملاحظة النص بعد الانتهاء من عمليات التنسيق التي يقوم بها الشاعر للتعابير الخام ..ينبغي الإشارة إلى أن أجمل الاقتناصات التعبيرية ذات الوقع العاطفي المتأجج هي تلك التي تكون أقل عرضة للتشذيب من قبل الشاعر بعد تدفقها في اللحظات الأولى للانفجار التعبيري
يتبع ....






التوقيع

 
آخر تعديل ثناء حاج صالح يوم 03-07-2012 في 02:48 PM.
رد مع اقتباس